كتب الاديب المبدع مصطفى نمر نصا بعنوان......... الخروج الى الطريق........

 الخروج الى الطريق

مازالت الأصوات تتدافع إلى أذنيها غامضة ومبعثرة ومتداخلة من جميع الاتجاهات باعة جائلين ،نداءات اطفال يلعبون ،معاكسات، آهات الآت تنبيه سيارات ،خطوات صاعدة او هابطة على السلم الخارجى، اصوات دفع وتوضيب الشقة الأعلى اصوات ،سقوط الآوانى فى الشقة السفلى ،اهتزازات مرور القطار وارتطام بلورات النجف أعلى رأسها بإختصار ترى الدنيا بأذنيها...

وعت أول ماوعت على لاشئ يُرى أو يتحرك كلها وسوسات وأنفاس تمر بين شعرها ساحبا خصلة هنا أو شعرة تائهة هناك  ، و الأنامل الصغيرة التى عرفت طريقها للشعور واللمس والخطوات المضطربة القلقه التى تتحسس الأرض أو السجاد أو البلاط او عتبات السلم، والروائح التى تزكم أنفها وتسكرها حد امتلاء فراغ الجمجمة بها على اختلافها ...

في الليل تجدف فى الظلمة الحالكة وتسخر من صراخ الأطفال المرتعبين من إطفاء الأنوار وأختفاء الاشياء عنهم، وكم تساءلت عن معانى مبهمة نار نور ضوء لمبه كشاف شمس خيال ظل 

كلمات بلا معنى مادامت لا تتلامس مع حواسها  ولكن آلا يستحق الأمر بعض الأضافات ليكتمل إطار الصورة ...

فكانت تعرف الخطوات وترتيبها ومايترتب عليها ومع الأصوات والنغمات المعينة تكتمل صورة الظلام فأختها التى تأويها تعرف مواعيد لقاءاتها وتحفظها منذ أن ترعد بصوتها لينام الأطفال ودخولها الحمام وخروجها حافية فقط قطرات تتساقط من القدم لتنزلق الى الارضية ويتبعها زوجها بخطوات اقرت الى العدو وغلق الباب بهدوء وزيق السرير....

وآلا يستحق الأمر بعض المغامرات بنزول السبت من الدور العلوى وصوت الجارة التى تنتظر بائع الفول  فعندما يتناهى الى مسامعها صوته منذرا بالأقتراب فتعرف انه فى غضون ربع ساعة سيكون تحت المنزل 

ولكن الجارة تنتظر منذ نصف ساعة كاملة حتى يضرب صوته ارجاء الحى وتشترى منه وترفع مع السبت قلبها الذى رد إليها مرة اخرى...

وآلا يستحق الأمر بعض الخيال للبيت القائم أمامهم من صوت العراك والتكسير ومقدمات المعارك بالصوت الهادئ وترتفع النبرات لترتطم بالحوائط وتندفع عابره بحر الطريق لتصل الى مسامعها وترديدها بالجمل المحفوظة والعبارات المكررة...

عالم ساحر تمنت لو تنغمس داخله وتصبح جزء منه...

وتنبهت يوما بإستيقاظها منتصف الليل ودقات قلبها تكاد تخرجه من مكانه من أين اتى القرار وكيف صممت الإرادة على الخروج الأن نعم الأن ستخرج لتغمرها الاصوات وحتى مطلع الفجر لتشعر بحرارة الشمس ولهيب الانفاس وبث الحياة فى الدنيا النائمة...

فتركت عصاها لتخرج وتخرج وتخرج تاركة خلفها مساحات الخيال والتمنى أرتدت 

أجمل ماعندها كما يقولون ورتبت هندامها ومشطت شعرها وأتجهت إلى الباب وفتحته فى هدوء ونزلت السلم حتى بداية الطريق.

#مصطفى_نمر


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب الشاعر حسن محمد الادلبي نص بعنوان......حبيبي أنا.....

كتبت الشاعره د. سميرة فياض نص بعنوان..... نبض يسأل.....

كتب الشاعر المبدع محمد نجيب صوله نص بعنوان..... إلى من أناديها.......