كتب الشاعر المبدع د. جميل احمد شريقي. قصيده بعنوان...... ضحية الأرث.......
ضحية الإرث
=========
لم أدرِ أنّي حينَ يقضي والدي
سأعيشُ أصنافاً من الأحزانِ
وأرى الذينَ رجوتُهم من إخوتي
يتفنَّنونَ بمنهجِ النكرانِ
لم أدرِ أني سوفَ أصبحُ عالةً
من بعدِ عزٍّ ذقتُهُ بزمانِ
أيامَ كانَ أبي وأمّي في الدّنا
وأنا الوحيدةُ يا جمالَ مكاني!!
المالُ عندي والسعادةُ والمُنى
ودلالُ طفلٍ في ربوعِ حَنانِ
وكبرتُ بنتاً في تغرُّبِ إخوتي
والحبُّ يُصنعُ مابقي الأبوانِ
وأنا أُدَلَّلُ من منائحِ إخوتي
و عطاءِ مَن منحوا بكلِّ تفانِ
ما كنتُ أحسبُ حينَ صرتُ صبيَّةً
ورزقتُ زوجاً صادقَ الإيمانِ
أني أحرِّكُ في دواخلِ إخوتي
حقداً يُخَبَّأُ هائجَ النيرانِ
حتى إذا رحلَ الذينَ أحبُّهم
وغدوا الضيوفَ ببرزخِ الرحمنِ
ظهرَ الذي ما كنتُ اجهلُ منهمُ
وبدَت ليَ الأنيابُ من ذؤبانِ
بعدَ العزاءِ بدَت مطامعُ إخوتي
في المالِ والأعيانِ والأطيانِ
فَسُلِبتُ حقّي والذي في عهدتي
باسمِ الشريعةِ شِرعةِ الغربانِ
فالبنتُ ليسَت في شريعتِهم سوى
سقطِ المتاعِ وخادمِ الغلمانِ
وربيبةٍ لا تشتكي أسيادَها
فهمُ الذكورُ وليسَ كالنسوانِ
وغدوتُ من بعدِ الدلالِ سبيّةً
محرومةً من حقِّها الربّاني
لا حقَّ لي، لا إرثَ لي في شرعِهم
فاللهُ أعطاهم بلا حسبانِ
واللهُ أعطاني وحدَّدَ حصَّتي
لكنَّهم كذبوا على الديّانِ
أخشى اللجوءَ إلى القضاءِ فأحتسي
بعدَ العدالةِ لوعةَ الفقدانِ
فالحقُّ آخذُهُ ولكن إخوتي
ستكونُ عندي أكبرَ الخسرانِ
أنا لا أريدُ قطيعةً لكنّهم
قطعوا بيَ الأرحامَ بالكفرانِ
خانوا أبي ووصيةً بذلوا لها
وعداً بحفظي من لظىً وهوانِ
أو هكذا فعلُ الرجالِ بأختِهم
وفعالُ أهلِ الدينِ يا إخواني؟
البنتُ كرَّمها الإلهُ بشرعِهِ
أوصى بها في محكمِ القرآنِ
ولها نصيبٌ من متاعٍ زائلٍ
فرضٌ يُصانُ فليسَ من عدوانِ
لكنَّ طبعَ الجاهليةِ غالبٌ
إذ تمنحُ الميراثَ للولدانِ
بل تحرمُ الأنثى جميعَ حقوقِها
بمزاعمٍ ليسَت من الأيمانِ
فالبنتُ تمنحُ مالَها لشريكِها
وكأنَّ زوجَ البنتِ كالشيطانِ
وكأنها ليسَت لهم بنتاً ولم
تجعل طريقَهمُ إلى الرضوانِ
كم زاعمٍ فينا التديُّنَ ظالم
وصلاتُهُ ضربٌ من الهذيانِ
كم من لحىً طالَت وطالَ سجودُها
في الإرثِ تُمسي لعبةَ الأوثانِ
الدينُ مملكةُ الفؤادِ فإن جرَت
في الجسمِ كانَت لمحةً لجنانِ
فإذا استقامَت في القلوبِ رأيتَها
مزروعةً في الأرضِ والإنسانِ
والدِّينُ ليسَ مظاهراً مزعومةً
لكنّهُ التطبيقُ بالإحسانِ
كم من شيوخٍ لا يُشَكُّ بعلمِهم
حرموا البناتَ لعلّةٍ وبيانِ
رحلوا عن الدنيا لنارٍ تلتظي
بدعاءِ بنتٍ لم تَعِش بضمانِ
كانوا مثالاً للتقى لكنهم
ختموا الحياةَ بأسودِ الألوانِ
فاعمل لأُخرى صُن حقوقَ ضعيفةٍ
لا تنهشِ الميراثَ كالثعبانِ
فالأختُ عِرضُ مَن يصونُ عرينَهُ
إن كانَ غاصبُها من الإخوانِ؟
===============
د.جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة )
سورية
تعليقات
إرسال تعليق